مدير مكتبة الإسكندرية: يجب تطبيق التسامح في المصالح الحكومية

كتبت – غادة عبده:
تحدث الدكتور أحمد زايد – مدير مكتبة الإسكندرية، عن أهمية التسامح ودوره في الحياة الاجتماعية وكافة مجالات الحياة، ضاربًا أمثلة عن تسامح الزوج مع زوجته وعائلته، مؤكدًا على ضرورة اتباع التسامح في الإدارات الحكومية، على الرغم من تطبيق القوانين، وذلك لاستقرار العمل واستمرار العلاقات، وذكر قصص عن تسامح الأنبياء بدايةً من الديانة اليهودية، وحتى الإسلام.
وجاء ذلك خلال الكلمة الافتتاحية لندوة «الثقافة وبناء الإنسان.. روح التسامح»، التي عُقدت في مكتبة الإسكندرية، الثلاثاء الماضي، ضمن فعاليات معرض الإسكندرية الدولي للكتاب، في دورته الـ18.
وتطرق الدكتور محمد المحرصاوى – رئيس جامعة الأزهر السابق، إلى أهمية التسامح في الدين الإسلامي، وأن مبدأ المواطنة لن يتحقق إلا بتطبيق روح التسامح في المجتمع، وأن التسامح لا يعني الخضوع بمعنى أن يتنازل المظلوم عن حقه، أو يقوم المجتمع بالضغط عليه للتنازل، فذلك خضوعًا وظلمًا لأنه ليس عفوًا عند المقدرة، فالدين الإسلامي أمر بأخذ الحق أولًا ورده للمظلوم، ثم يتنازل ويعفو وهو في موضع قوة وبكامل إرادته.
ومن جانبه، قال القمص «أثناسيوس چورچ» إن التسامح في المسيحية، وأن التسامح الاجتماعي هو أساس العيش المشترك، وأن الديانات ليست نصوصًا وقراءات وتلاوات فقط، وإنما يجب أن تكُن مؤثرة على سلوكيات الفرد، وشدد على ضرورة تربية أبناء الوطن الواحد عبر مبدأ المواطنة والتعايش ونبذ الكراهية، مؤكدًا على أن التسامح يعني العدل والتعاطف والقبول.
وأكمل أنه يجب علينا جميعًا تعزيز ثقافة التسامح وقبول الأخر، والبُعد عن الحقد والغل والكراهية، وأن من أهم أسس التسامح هى أن تدع الأخر يُقدم لك نفسه ويشرح لك عقيدته، وأنهى كلمته بأن التسامح هو بناء الجسور والحضارات، فهو الأبقى لبناء ثقافة الإنسان وحفظ الحياة الإنسانية.
وفي نفس السياق، أشاد الدكتور نظير عياد – الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، بعنوان الندوة، وأعرب عن سعادته بمناقشة هذا الموضوع في قلعة من قلاع العلم، وهي مكتبة الاسكندرية، والتي عملت عبر تاريخها الطويل بالعمل على إذكاء الوعي الإنساني وزيادة الثقافة الإنسانية، من خلال طرح جريء لقضايا متعددة مرتبطة بالواقع الإنساني.
وتابع «عياد»، حديثه عن البناء العقيدي والفكري والمعرفي والروحي للفرد، وأكد على أهميتهم بالإضافة إلى البناء البدني، مُشيرًا إلى أن الأمراض العضوية تنسحب سلبًا على تفكير الإنسان وسلوكه، مما يؤدي إلى حدوث خللًا وعدم اتزان في التفكير، وبالتالي ظهور سلوكياتٍ غريبةً وأفعالًا شاذة، قد ينجُم عنها غياب فكرة التسامح التي لا تتحقق إلا بثقافة تؤدي إلى بناء الإنسان، وهذا ما تؤكده الشرائع الإسلامية.
وأُختتم اللقاء بكلمة الدكتور محمد المهدي – أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، والذي بدأ حديثه بسؤال عما هي علاقة الإلحاد بالتسامح؟ مُشيرًا أنه في عام 1950 صدر عددًا لمجلة «التايم» تتحدث فيه عن أنه آن للبشرية أن تتخلى عن الأديان، وتوقعوا حدوث ذلك بحلول القرن الـ 20، ووجود توجه إنساني مُحايد بعيدًا عن خلافات وصراعات الأديان.
وأردف «المهدي» أن الجريدة تحدثت عن المشقة التي تعرضت لها البشرية بسبب الحروب التي من أجل الآلهة والأديان، وأنه باختفاء الأديان ستختفي الصراعات والعنصرية والطائفية، وتوقعوا أن يسود السلام، وتوالت الدعوات للإلحاد والتبشير أن ذلك أفضل توجه إنساني، وهذه الفكرة كان سعيدًا ومبهورًا بها المثقفين، وظنوا أنهم وصلوا لتركيبة جيدة للحياة.
وأضاف أنه ظهر فريقًا آخر يرد عليهم بأدلة تُفيد بأنه إذا كانت الحروب الدينية هي التي استهلكت البشرية، فما هي النتيجة العملية للابتعاد عن الأديان في القرن ال 20 وهو قرن «اللادينية»؟ حيث أنه حدث فيه أهم حربين في تاريخ الإنسانية؛ الحرب العالمية الأولى والثانية، وعقد هذا الفريق مقارنةً بين الوفيات بين حروب الأديان وحروب الابتعاد عنها، فوجدوا عدد الوفيات أقل بكثير، وبذلك تم ثبوت إن تخلي البشر عن الأديان يجعلها أكثر شراسةً، وأقل تسامحًا، والنتيجة تكون حروبًا مُدمرة.