https://www.googletagmanager.com/ns.html?id=GTM-KQN7VXH
حوار

بالصور.. «المنتدى» تحصل على كشف نوات منذ نصف قرن يُظهر الفجوة المناخية بين الماضي والحاضر.. حوار

حوار– حنان عاطف: تصوير – نورهان هشام:

يستطيع الماضي أن يفسر الحاضر ويتنبأ بالمستقبل، عثر مصطفى أحمد سيد، أحد المهتمين بالحياة البرية الحيوانية والبيئة، على ورقة كشف النوات التي تهب على ميناء الإسكندرية، والتي كتبها جده منذ 48 عامًا، لتكون مؤشرًا لنا عن مدى التغيرات المناخية التي وصلنا لها، والتغير الملحوظ في أنشطة كائنات حية واختفائها، وذلك ما ستتناوله “المنتدى” في حوارها الصحفي التالي..

في البداية، قال “سيد”، الطالب المقيد بكلية اللغة والإعلام التابعة للأكاديمية العربية والعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري في الإسكندرية، ممسكًا بورقة كشف النوات، إن هذه الورقة تضم 20 نوة وثقها جده، عام 1975، بأسمائها وتاريخها باليوم والشهر ومدتها وحالة الطقس فيها.

وتابع “سيد” أن أولى النوات في هذه الورقة تبدأ يوم 21 فبراير، وتسمى المكنسة، مدتها 5 أيام اتجاهها وحالة الطقس فيها رياح شمالية شرقية إلى شمالية غربية وتكون ممطرة، وآخر نوة تكون يوم 2 أبريل واسمها باقي العوة مدتها يومان، وتكون حالة الطقس فيها شمالية شرقية إلى شمالية غربية وتكون ممطرة غالبًا.

وأشار “سيد” إلى أن جده لم يكن دارسًا ولا باحثًا ولكن كشف النوات كان عنده وعند كثيرين من عامة الناس، متحدثًا المصطلحات المتكررة على ألسنة الناس حينها، ومنها “أنماط المناخ” والتي تعبر عن الاستقرار المناخي، وتكيفنا مع أشكال الحياة الأخرى وحالة المناخ المستقرة، ولأن كان من ضمن أنشطة جده صيد الأسماك، فكانت ورقة كشف النوات مهمة له.

ولفت “سيد” نظرنا إلى أن جده مدحت محمد عباس القياتي، حضر الاستقرار المناخي والتغير بتدريجاته، على مدار حياته، منذ مولده عام 1936 وحتى وفاته عام 2015، واستند في كتابة الكشف على حالة “التجربة أو الخطأ”، أي أنه استطاع هو وغيره من الصيادين، بمرور الأعوام، أن يحفظ ويتأقلم مع حالة المناخ، والطقس، ومدة النوات، مما يعني أنه كان بالإمكان حفظ النوات بحالاتها بسهولة، ويدل على أن الاستقرار في المناخ كان قائمًا.

وأردف “سيد” بكل أسف أن عجلة التغيرات السريعة “الحوادث” جعلت حالة الاستقرار المناخي الذي عكسته ورقة كشف النوات وحضره الجيل الذي قبلنا على مدار القرن الماضي، كأنه زمن من الماضي السحيق، حيث أنه هناك فجوة بين صحة توقع الناس بالنوات ومجيئها في ميعادها، وبين التغيرات المناخية الحالية وتأخر النوات عن موعدها.

وروى “سيد” أنه كان يستعين بورقة كشف النوات وهو في المرحلة الابتدائية ولاحظ عام 2009، 2010 إن النوات كانت قريبة من الحالة الموثقة في الورقة، وبمرور الوقت حدث تغير، لم يكن في يوم وليلة بل كان بالتدريج، وبدأ يتسارع بشكل كبير جدًا في السنوات الأخيرة، وحاليًا وهو في مرحلة التعليم الجامعي، أصبح هذا الكشف كما لو أنه كُتب بمحض خيال علمي، وكأنه لم يكن حقيقيًا في يوم من الأيام.

وأردف “سيد”: “تقدمنا في الإلكترونيات والتكنولوجيا، ولكن للأسف تأخرنا في أشياء كثيرة لدرجة أن حالة الاستقرار المناخي أو أن صحة البيئة ذات نفسها أصبحت مجرد ذكرى”، مستطردًا أننا حاليا من الممكن أن نجد على مدار أسبوع، أو عدة أيام وراء بعضها، طقس الـ4 فصول كلهم.

وحكى “سيد” عن حالة اختبرها بشكل عملي عام 2018، عندما كان يريد عمل فيلم وثائقي عن محمية وادي دجلة، في فصل الخريف، ليوثق تأثيرات التغير المناخي في المنطقة، وكان من المفترض أن تكون كل الكائنات باردة الدم، من: “الزواحف، والعنكبيات، والحشرات” في فترة البيات الشتوي، لكنه وجد أن الجو لازال دافئًا والطقس لا يختلف عن الصيف، وفوجئ أن فترة البيات الشتوي تأخرت، فأصبحت تلك الكائنات نشطة في غير وقتها.

ورأى “سيد” أننا لسنا بحاجة، كل عام، عمل تحقيقات وإحصائيات، لنرى تأثيرات التغيرات المناخية، رغم أهميتها، إلا أن ما نحتاجه بالفعل التركيز مع عوامل هذه التغيرات، قائلاً: “معرفة العوامل أفضل من التأثيرات، لأنها كارثية وأحنا عارفين كدة خلاص مش محتاجين أدلة نحن في غنى عنها”.

وتكلم “سيد” عن حالة المفترسات الضخمة، مثل: “النمور، والقروش، والدببة” وعن مدى انبهاره بها، معللاً ذلك أنه على الرغم من أنها تستهلك ولا تُستهلك إلا أن استهلاكها يفيد البيئة ويحافظ على التوازن البيئي، ومقارنة بها وبالإنسان، فالثاني يستهلك إلى حد الاستنزاف وتدمير البيئة.

وتطرق “سيد” إلى الحديث عن تأثيرات التغيرات المناخية، مستشهدًا بحادثة هجوم سمكة قرش على سائحتين أجنبيتين في مدينة الغردقة بمصر، مفسرًا ذلك بأن القرش من الحيوانات اعتمادية الحرارة أي أن الحالة الجسدية والذهنية والنفسية لها تتأثر بدرجة الحرارة، خاصة وأن هذا القرش كان صغيرًا، ومن خلال خبرته مع الحياة الحيوانية فممكن أن يكون أخطر لأنه كحيوان حديث السن، وتقديراته وارد أن تكون خاطئة، وخبرته في الصيد قليلة، فيهاجم أي حالة.

وأشار “سيد” إلى أن جده كان مهتمًا أيضًا بالحياة البرية الحيوانية والبيئة، وكان يشرح له حالة تحولت إلى ذكرى، وهي أنه عندما كان يصطاد سمك “اللوت”، كان منتشرًا ونشيطًا كعادته لدرجة أنه عندما كان ينزل خطاف الصيد، كان من الممكن أن تعض الخطاف دون وجود طعم، من شدة نشاطها، مما يدل على حالتها الصحية الطبيعية حينها.

وبنبرة حزن، قال “سيد” إننا نعيش تغيرات سريعة تحدث في وقت قصير، تجعله كما لو كان ماضي سحيق، فيرى أن كل شيء مر به على مدار مراحل حياته يشعر وكأنه كذا شخص، من كثرة التغيرات والفجوات في الحالات التي نراها.

وروى “سيد” عن امتلاكه، وهو في المرحلة الابتدائية، سِنة من الفك العلوي وأخرى للفك السفلي لسمكة من نوع القرش الأبيض العظيم، بعد تقديمها هدية تذكارية له، رغم إنه ضد فكرة اصطياد حيوان مثل هذا وبيع أجزاء منه كهدايا، قائلاً إنه لم يكن يتخيل أن بعد 10 أو 15 عامًا أن تكون هذه الهدية قيمة ونادرة جدًا، بعد اختفاء مثيلاتها حاليًا.

وأكمل “سيد” أنه حصل على هذه الهدية في مياه الإسكندرية المحلية المصرية، وإنه كان متعودًا رؤية فكوك وأجزاء القروش تُباع في المناطق الشعبية على الأرصفة بشكل منتشر وأسعار عادية، من وفرتها، ولكن حاليًا عندما اختفت تلك الحيوانات، وهذه الهدايا، زادت قيمتها.

وأكد “سيد” قائلاً: “ماكنتش متوقع إني همسك سنة سمكة قرش من نوع القرش الأبيض العظيم وأسرح فيها أو أتأملها، كما لو كانت حفرية من حفريات الديناصورات، أو الحيوانات اللي انقرضت قبل كدة، بس لو الحيوانات دي انقرضت بسبب عوامل طبيعية زي النيازك والبراكين، فأحنا البشر بقينا النيازك والبراكين بل وأخطر كمان”، مضيفًا وجود نوع واحد من حيوان معين مثل القرش يستطيع أن يؤثرعلى أشكال الحياة كلها.

وعن اهتمام “سيد”بالحيوانات والحياة البرية، قال إنها كل شغفه منذ صغره والذي بدأ يكبر معه بشكل تلقائي ونقي، بفضل الله، لأنه دائما يرى أن مشاعر الهاوي أو الشغوف تكون أنقى المشاعر الإنسانية، منوهًا أن علاقتنا بأشكال الحياة يجب ألا تكون في إطار تأييد أو معارضة، فجميعنا نتشارك الحياة سويًا.

وقال “سيد” عن الكائنات الحية: “مش لازم نعرف كل تفصيلة هي بتعملها وبتأثر عليها أيه لأن وجودها في حد ذاته، ممكن فعلاً يكون ليه دور مهم وأحنا مش عارفينه ومش لازم نعرفه، هي هتقوم بيه وهنضمن صحة النظام البيئي والكوكب”.

وأكد “سيد” أن أبسط سلوك من الممكن أن يكون مؤثرًا سلبًا أو إيجابًا في حالة أننا جميعنا قمنا به، ذاكرًا شيئًا عن أسلوب حياته في الحفاظ على البيئة، وهو أنه عندما يجد كيس بلاستيك مستخدم واضطر أن يرميه، فيقطع، بشكل اعتيادي، فتحة الكيس التي يمسكها منه، لأن من الممكن أن يدخل فيها كائن بحري ويُحبس.

وتحدث “سيد” عن خطورة صيد الغنائم، والذي يحدث فيه استهداف أضخم وأجمل حيوانات من أنواع معينة، ذاكرًا أن الناس قديمًا عندما كانت تحارب هذا النوع من الصيد، كان صيادو الغنائم نفسهم يرون أنهم لا يقومون بشيء مدمر، كونهم لا يصطادون أكثر من فرد واحد.

واستكمل “سيد” أن الفرد الضخم هو لوحده له تأثير على كل الأفراد التي من بني نوعه ومن الأنواع الأخرى، ولا يقل ضرر هذا الصيد على انبعاث غازات أو مواد دفيئة أو ثورات صناعية، اختتم كلماته هذه، وهو في شيء من الشعور بالخوف من أن تكون عجلة التغيرات المعنية بالمحافظة أقل من التأثيرات المدمرة “الحوادث”.

ورقة كشف النوات الذي يظهر الفجوة المناخية
كشف النوات الذي يظهر
الفجوة المناخية
سِنتا الفكين السفلي والعلوي لسمكة القرش الأبيض العظيم
سِنتا الفكين السفلي والعلوي لسمكة القرش الأبيض العظيم
"سيد" مع محررة المنتدى خلال الحوار الصحفي
“سيد” مع محررة “المنتدى” خلال الحوار الصحفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى