العلاج بالفن «السيكودراما»

كتبت – أميرة فؤاد:
العلاج بالفن أو «السيكودراما» مش مزحة إنما أحد أشكال العلاج النفسي أسسها «مورينو» ترجع أصول استخدام السيكودراما إلى ما يقرب من 80 عامًا مضت أي منذ عام 1911 في ڤيينا على يد «جاكوب ليفي مورنيو».
اكتشف «مورينو» أنه عند السماح للأطفال بالتعبير التلقائي عن مشكلاتهم فأنهم يحققون نتائج علاجية لا بأس بها، فهم يتبادلون الأدوار بينهم ويمثلون المواقف الحياتية بين الآباء والأمهات.
ومن هنا أسس «مورينو» أول جمعية للعلاج بـ«السيكودراما» عام 1942 ومازالت قائمة حتى يومنا هذا، حيث يعتبر «مورينو» هو أبو المسرح العفوي «التلقائي» ففي المسرح العفوي حدثت حالة عرفت باسم حاله «الباربره» فأدرك «مورينو» القدرة العلاجية للمسرح.
وبدأ تأسيس قواعد لهذا الأسلوب العلاجي الذي تطور استخدامه كنظرية أدائية، وطريقة لفهم وحل المشكلات بين الشخصية على نطاق واسع، حيث يمكن الآن استخدامه في علاج المرضي بالمستشفيات العقلية، ومعاهد تصحيح الكلام وفي مجال التدريب الصناعي وفي مدارس ومعاهد التدريب الخاصة، وذلك مع كل من الراشدين والأطفال علي السواء.
وتعد «السيكودراما» نوعًا من أنواع العلاج النفسي ولكن بالطرق المبتكرة، حيث تمكن وظيفتها الأساسية في تفريغ انفعالات الفرد ومشاعره الدفينة، من خلال تمثيل أدوار لها علاقة بالمواقف الحياتية، التي حدثت له في الماضي أو التي تحدث في الحاضر أو سوف تحدث في المستقبل، حيث توافر العلامات التي تنذر لحدوثها ليتحقق له الشفاء من إي صراع نفسي يدور بداخله، ومن ثم فان السيكودراما ما هي إلا إعادة تمثيل الواقع لا محاكاته.
فهناك تمارين للعلاج بـ«السيكودراما» منها التمارين الفردية مثل الحوار الداخلي الذي يحدث بين الشخص ونفسه ويسمى «المونولوج» أو «الحوار الذاتي» وهناك التمرينات الجماعية المسرحية التي تقوم فيها الحالة بأداء دور تمثيلي أمام آخرين يشاركونها المسرحية لتجسيد تجربتها.
واستحضار «الحالة» للذكريات الجميلة بالتفكير العميق، لكي يشعروا أنهم مع أشخاص لا يزالوا متواجدون على قيد الحياة، كانوا سبب لسعادتهم، أو استحضار ذكريات سيئة والتفكير في حلول للعقبات التي يواجهونها، كما أن هناك تمرينات كثيرة من خلال الغناء والموسيقي والتنفس بعمق لخروج الطاقة السلبية أو لتقليل التوتر أو الحركة للمساعدة على فهمنا لأنفسنا وأفكارنا.
ويذكر «مورينو» أهمية الحركة أو الرقص للإنسان فهو من أقدم الوسائل للتنفيس فعندما يعجز اللسان عن التعبير عن كل ما هو مؤلم فنجد المسرح الحقيقي المعبر عن هذه المشاعر هو الجسد، لأن الطبيعة من حوله تتحرك حركات إيقاعية كحركات الأمواج المائية وتموجات الحقول.
فنلاحظ الحركات الإيقاعية للشيعة، عندما يقومون بحركات إيقاعية منتظمة، وثابتة مع ضرب الظهر بالسوط أو اللطم على الوجه، كطريقة للتنفيس عن مشاعر، وانفعالات الإحساس بالذنب تجاه الشهيد «الحسين بن علي» على ما اقترفوه تجاهه من أثم وعدوان وهو شكل من أشكال «السيكودراما».
ونجد أيضا من مراسم الحج عندما يقذف الحجاج «إبليس» بالحجارة والجمرات، في مشهد «سيكودرامي» علي ما اقترفه في حق البشرية من إغوائهم، وخروجهم من الجنة، وكوسيلة أيضًا لإسقاط الذنوب والخطايا على إبليس وهو ما يحقق التوازن النفسي والانفعالي بشكل أو بأخر.
ومن أمثال العادات المصرية القديمة المعبرة، عن الـ«سيكودراما»، احتفالات إلقاء العروس في النيل، لكي يظل متدفقا بالمياه، ما جعل خليفة المؤمنين «عمر بن الخطاب» عندما جف النيل في مصر فأرسل «بورقه» وطلب من المصريين إلقاءها في النهر كبديل عن العروس في واقعة تاريخية مشهورة بصحتها.
وختامًا يجب على كل شخص مننا يبحث عن «الملاذ الأمن» ليهرب إليه عندما تتراكم علينا ضغوط الحياة الصعبة.