«ليسوا هواة»

بقلم – زياد عمرو:
كانت المرة الأولى في حياتي التي أحضر فيها «بروفة»، تجربة مسرحية، وأتابع كيف يتدرب المُمثلون على أداء المشاهد، وأنا أعرف أنهم فريق من الشباب الهاوي المُبتدئ، توقعت أن هذه «البروفة» ستكون في مسرح حقيقي، كالذي أشاهده كل يوم في التلفزيون، ولكنني وجدت أنها مجرد غرفة بإحدى البيوت العتيقة في محطة الرمل.
مجموعة شباب، جميعهم في بداية العشرينات، ولكن الذي أدهشني، لم أجدهم هواة مبتدئين كما توقعت، أكاد أقول إنني انبهرت بقدرة بعضهم على التمثيل، وعلى استحضار الشخصيات، وازداد انبهاري أكثر، ببكاء إحدى المُمثلات خلال تأديتها مشهد حزين، يبدو أنها استطاعت أن تُجسد الشخصية أكثر من اللازم، كنت أظن أنهم مجموعة شباب يحلمون بالشهرة، ويجتهدون في ذلك، ولكن عندما جلست لبضع ساعات بينهم في تحضير المشاهد، وجدت أنهم أكثر من مجرد شباب يجتهد، فهم على وشك الاحتراف.
وأثار إعجابي نص المسرحية، كنت أظن أيضًا أنه سيكون سطحيا، أو فكرته واضحة، ولكن ادهشتني قدرة المؤلف على الغوص في التفاصيل العميقة، التي تجذب عقول المُشاهدين، وتأخذهم في رحلة من الخيال، لكن تعطيهم حِزمة من الدروس والحِكم الحياتية، وأصبحت أفكر، كيف يمكن لهؤلاء الشباب كتابة نص مسرحي لا يقل في حبكته الدرامية عن النصوص المعروفة عالميًا.
ومن اللقطات اللطيفة التي لمستني أيضًا، جاء رجل ثلاثيني، مُصطحبًا ابنته الصغيره، التي لا تتجاوز الـ6 سنوات، لتتدرب مع هؤلاء الشباب؛ لأن لها دور طفلة في المسرحية، أحببت اهتمام هذا الأب بحلم ابنته الصغيرة، وتشجيعه لها، وانتظاره لها لعدة ساعات لكي تحفظ دورها جيدًا، وتتعلم كيف تؤديه، فربما رجُلًا غيره، كان اشترى لابنته لعبة ليُلهيها بها، قائلًا لها إنه ليس لديه وقت لمثل هذه الأشياء، ولكن هذا الرجل الذي وجدته اليوم، عندما جاء مشهد ابنته، أمسك بهاتفه ليصورها، وبيديه الأخرى يحمل أختها الأصغر منها، وبجواره ابنه الثالث، ربما تحركت هذه الأسرة إيمانًا بحلم هذه الطفلة، كان الأب فخورًا بها وداعمًا لها، وربما كان هذا سبب أدائها المُدهش، رغم صغر سنها.
مسرحية «الوسواس»، تجربة شبابية أعتقد أنها تستحق أن تُعرض في أكبر مسرح في مصر.