https://www.googletagmanager.com/ns.html?id=GTM-KQN7VXH
مقالات

«أصبحتُ محطة للوحدة» 

بقلم – حمادة جمعة:

هل سمعتم عن «محطة الوحدة؟» تلك التي نصل إليها فجأة بعد فراق الأحباب، وأقصد تحديدا الأم والأب، فعندما توفي أبي رحمه الله، انكسر ظهري، أو ظننت أنني كُسرت، حيث ظللتُ قرابة 5 أعوام من التوهان، والتخبط، وعدم التوفيق، ولم أستطع أن أصل بقدرات عقلي الذهنية إلى أنني لم أعد أرى أبي مرة أخرى.

وعلى الجانب الآخر، كانت أمي تشاركني نفس الحزن، والألم، ومرارة الأيام، من جراء الفراق واليوم تركتني هي أيضًا، ورحلت حيث لا عودة، فأيقنت بأن موت الأم، هو ما يشق الظهر، وليس بكاسره فقط، وهو ما يعني تمامًا موتك وأنت على قيد الحياة.

لم تعُد الحياة كما كانت، وكل شيء أصبح ليس له طعم، فكانت أمي هي مذاق كل شيء، بل أنني كنت أتذوق طعم الدنيا بنعيم وجودها، واليوم أصبحت جالسًا في بيتها، وحيدًا مع الجدران، والذكريات، وفي مكانها المفضل داخل المنزل الذي بات وكأنه مهجورًا، أذهب لقضاء أعمالي، وأعود إلى المنزل حيث مكان جلوسها، فقليلًا ما يدق الباب.

وصارت محطة للوحدة، التي قلما يمر قطار قريب، أو صديق قديم، أو جارٍ يتذكروني، مازال يذكر أيام الماضي الخوالي، حينما كان منزلنا الصغير، يعج ويزدحم بالأقارب، والمعارف، والجيران.

أصبحت مزارًا لمحطة وحدتي، يمر علي من يمر، حينما يتذكرني، أو يحتاج شيئًا ما، ويعود من حيث أتى، وأعود أنا مرة أخرى، لوحدتي، وصمتي، وضجيح عقلي بالذكريات.

بتُ أنظر لصور من الماضي الجميل، تحمل معها ملامح وجه أمي وأبي، حتى إذا ما أنهارت قواي، وأستغاث بي عقلي من ضجيج تفكيره، سقطت وسقط معي، ما أحمله في يدي آنذاك سواء كتاب قريب أو حتى هاتفي، لأذهب إلى محطة وحدة أخرى، عبر العالم الآخر، أخلد فيها لنوم عميق، وأنا مستيقظ من فعل التفكير.

بتُ أتساءل: «ماذا إذا ما صعدت روحي إلى بارئها..من سيشعر بي.. من سيغيثني.. أو سيسأل عني.. أو سيكتشف مماتي؟ وأنا مجرد محطة وحدة قلما يمر عليها قطار، وحتى إذا مرَ ذلك التوربيني فكم سيكون الوقت الذي مضى علي وحيدًا في مماتي ولم يشعر بي أحد، مثلما لم يشعرون بي أثناء وجودي على قيد الحياة؟».

وأخيرًا وليس آخرًا.. أيقنت


أنني في كلتا الحالتين ميت، ولكنها رحمة الله، التي تحيطني، فهو معي لن يتركني، ولن يتخلى عني، ولن ينساني، حتى لو نساني العالم أجمع، فـ«من وجد الله، فماذا فقد؟ ومن فقد الله، فماذا وجد؟».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى