الأزمة بين روسيا وأوكرانيا «بوتين يهدد بالغزو»

كتبت – هبه رجب:
هدد الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بغزو أوكرانيا، في الوقت الذي ظنَ الرئيس الأمريكي “جون بايدن” أنه في حال تنفيذ ذلك ستواجه روسيا كارثة، حيث أن هناك 100 إلف جندي روسي محتشدون على الحدود مع أوكرانيا، فضلًا عن تحذيرات حلف الناتو.
ونقلاً عن وكالة “رويترز” للأنباء، قالت “ينس ستولتبرغ”، الأمين العام لحلف “الناتو”: “إن استخدام القوة العسكرية ضد أحد الجيران ستكون له عواقب وخيمة، وستدفع روسيا الثمن باهظاً، وسيؤدي ذلك إلى عقوبات اقتصادية وسياسية ومالية”.
وذكرت “رويترز” أن الولايات المتحدة الأمريكية خصصت 200 مليون دولار معدات عسكرية لأوكرانيا، وبريطانيا ترسل أسلحة دفاعية إلى “كييف” وكل من وزراء خارجية “أمريكا وأوروبا وروسيا” قاموا بجولات مكوكية، لأن العالم على شفا حرب، وهو ما يتنبأ بيه القادة والسياسيون، حيث قالت “چين ساك” المتحدثة باسم البيت الأبيض: “روسيا قد تشن هجوما على أوكرانيا في أي وقت”.
“المنتدى” تتعمق في تفصيل القصة منذ بدايتها عام 1991 عندما نكس “السوفيت” أعلامهم يانهار الاتحاد السوفيتي، وتفكك جمهوريتهم، وبدأت الدول في إعلان استقلالها وعلى رأسها أوكرانيا، لكن كل هذه الدول ظلت تدور في فلك روسيا، وتحديدًا أوكرانيا كانت تمثل حالة خاصة لـ”الكرملين” إذا أنها تمثل إستراتيجية هامة وحساسة لأسباب عديدة، ومنها أن “أوكرانيا وبيلا روسيا” يقفان حاجزًا جغرافيا يفصل روسيا عن الدول الأوربية الكبرى ذات العضوية في حلف الناتو “الحلف العسكري الغربي” الذي تأسس عام 1949 لمواجهة أي تهديد من الإتحاد السوفيتي.
كما تتشارك روسيا حدودًا مع أوكرانيا طولها أكثر من 1200 ميل وتتأكد أهمية أوكرانيا لدى روسيا عند معرفة أن نحو 17% من السكان “روس” ويتمركزون شرقي البلاد، كما أن نحو ثلث السكان في البلاد يتحدثون الروسية، وتاريخيًا كانت أوكرانيا تعرف باسم “روسيا الصغرى” ومهد الكنيسة الروسية الأرثوذكسية التي نشأت بعد إمبراطورية القياصرة الروس.
بل أن “بوتين” نفسه كتب مقالا عام 2021 أشار فيه إلى أن “الروس، والأوكرانيين، والبيلا روس” من نسل سلاڤي واحد، وعانت أوكرانيا من مشاكل الفقر والجوع، حيث كان النظام مواليا للروس في ظل حكم رؤساء متعاقبين “ليونيد كرافشكو” و”ليونيد كرتشما” حتى اندلعت الثورة “البرتقالية” في أوكرانيا عام 2004 والتي أخرجت البلاد من مدار النفوذ الروسي، وسميت باسم “البرتقالية” لأن اللون نفسه لحملة “يوشنشنكر” الانتخابية.
وذلك بجانب أهميه موقع أوكرانيا الجغرافي لروسيا “اقتصاديًا، وسياسياً”، إذ تمر عبر أراضيها خطوط الغاز الروسي الذي يمثل ثلث إمدادات أوربا بجانب سعي “بوتين” لإحياء الاتحاد السوفيتي السابق، إذا تشير التقارير إلى رغبته في تأسيس إتحاد إقليمي من الدول السوفيتية السابقة، وهو ما صرح به قبل 20 عامًا عندما قال: “انهيار الإتحاد السوفيتي كان أكبر كارثة چيو سياسية في القرن الـ20”.
ولم تكن هذه الثورة الوحدة التي أطاحت النظم الموالية لروسيا ففي عام 2003 أطاحت الثورة “الوردية” بالنظام الموالي بموسكو في چورچيا، وعام 2005 أطاحت ثورة “التوليب” في “قرغيزستان” بالنظام الموالي لروسيا أيضاً لكن روسيا لم ترضى بهذه الأوضاع، وعام 2008 عقدت قمة حلف “الناتو” في “بوخارست” لتقديم دعوة لأوكرانيا للانضمام إلى صفوفه.
ووقتها أدانت روسيا واستنكرت فخمد اللهيب إلى حين ثم استفاق نفوذ الروس مره أخرى عام 2010 حين عاد “يانوكوفيتش” إلى المشهد السياسي في أوكرانيا وتولي السلطة، وعاد معه التوتر السياسي نهاية عام 2013 حين عطل الرئيس الموالي للكرملين اتفاقا للتجارة الحرة مع الإتحاد الأوروبي، بهدف إعادة تقوية العلاقات الاقتصادية مع روسا ما تسبب في اندلاع احتجاجات واسعة انتهت بهروب “يانوكوفيتش”.
ولم تقف روسيا عند هذا الحد لكن زحفت عسكريًا وضمت شبه جزيرة “القرم” بزعم حماية الأقلية الروسية فيها، ففرض الغرب عقوبات على روسيا لكنها لم تتراجع وبسط الانفصاليين الأوكرانيين المدعومين من روسيا سيطرتهم على مناطق شرق البلاد لتندلع حرب أهلية في “دونباس” انتهت بتوقيع اتفاقية “مينسك” عام 2015 لتقضي بوقف إطلاق النار، وإقامة منطقة عازلة، وسحب الأسلحة الثقيلة، حيث شهد مسرح الأحداث توترًا مع تصاعد الحديث عن اعتزام أوكرانيا الانضمام إلى حلف “الناتو”.
ومع نهاية عام 2021 حشد الرئيس الروسي “الكرملين” قواته على الحدود، وما كان يحدث في الخفاء أصبح صخبًا في الإعلام وكواليس السياسية “روسيا قد تغزو أوكرانيا”، وذكرت “الاسوشييتد برس” بأن روسيا نفت أن تكون نيتها غزو أوكرانيا بشكل كامل، لكنها طالبت بضمانات بأن “الناتو” لن يتوسع ليشمل أوكرانيا أو أي من الاتحاد السوفيتي السابق.