خبراء: «السوشيال ميديا» تتغول.. والفطن يُرشد استخدامها

كتبت – حنان عاطف:
شئنا أم أبينا فإن وسائل التواصل الاجتماعي “سوشيال ميديا” أصبحت جزءًا من حياتنا، فلها ما لها من إيجابيات وعليها ما عليها من سلبيات، ويكمن التحدي في أن نتحكم نحن بها وليست هي، وتناولت مجلة “المنتدى” تجارب شباب قرروا الاستغناء عنها فترة، ونجحوا في ذلك، واستطاعوا تغيير نمط حياتهم، بمساعدة أسرتهم، بجانب نصائح الخبراء للبحث عن البدائل الطبيعية لها.
وحكت، فيروز عبد السلام، طالبة في الصف الثالث الإعدادي، عن تجربتها في الانقطاع عن الـ”سوشيال ميديا” والعالم الافتراضي، قائلة: “مررت بفترة مللت فيها من كثرة استخدامي للهاتف المحمول، فقررت الابتعاد عنه لمدة شهرين، ووالدتي كانت ترد على المكالمات، والنتيجة اكتشفت مواهب لدي لم أكن أعرفها، كالرسم، أيضا بدأت أتعلم وصفات طهي جديدة، وأنفذها بنفسي، واقتربت أكثر من الناس الذين افتقدهم، وقمت بزيارتهم، بعدما كنا نتكلم على الهاتف فقط، وأتيح لي وقت أكبر للخروج والمذاكرة”.
أيضا تحدت، سارة القاضي، طالبة في كلية الفنون الجميلة، جامعة الإسكندرية، أن نفسها في الاستغناء عن الـ”سوشيال ميديا” خلال فترة الثانوية العامة، لمدة 5 أشهر، واستخدامها للضرورة فقط، وكانت والدتها تساعدها في التحكم في ذلك، قائلة: “كنت آخذ تسليتي بارتباطي بالواقع وحاولت أن أبحث عن بدائل، كخروجي مع أصدقائي، ومتابعة التلفزيون مع أهلي، وبهذا قل استخدامي لمواقع التواصل كثيرًا”، ومرجعة سبب تحديها هذا إلى ما يسببه إدمان مواقع التواصل لها من تشتت، وتضييع الوقت، وغيرها من المشكلات الصحية، والأسرية.
وروت، هدير حميدو، طالبة في كلية التجارة، جامعة الإسكندرية، أن أسرتها تحدد 3 ساعات، ليقضوا وقتا ممتعا معا، ممتلئا بالضحك والهزار والمقالب، والدردشة، قائلة “كانت فكرة والدتي، ففي ذلك الوقت يغلقون الهواتف والتلفزيون”، ويكررون هذا في الأسبوع عدة مرات، مضيفة إنها تستخدم الـ”سوشيال ميديا” يوميا ولكن أقصى وقت تقضيه 3 ساعات، متقطعين، وسبب ذلك انشغالها بكليتها ومساعدة والدتها في البيت، قائلة: “لا يفرق معي انقطاع الانترنت لفترة، ولكن إذا لم يكن معي أحد، وقتها أشعر بالملل”.
وبسؤال عماد العادلي، مستشار ثقافي حر، عن رأيه في اعتماد الناس على مواقع التواصل “سوشيال ميديا” كمصدر للثقافة والمعرفة، قال: “تعطينا معلومات متفرقة، غير مفيدة في أي تراكم معرفي، على عكس الكتب والبحث والدراسة، التي تمنح المعرفة المرتبة والمركزة”، مردفا: “نحن في عصر المعلومات ولكن للأسف لسنا في عصر المعرفة، خصوصا أن الفضاء الإلكتروني عالم مفتوح، أي شخص يريد أن يقول شيئا، سواء لديه علم أم لا، حتى المواقع المعتمدة أحيانا يكون بها تضليل ومغالطات قاتلة”.
وتابع “العادلي”: الفطن الواعي هو الذي لا يسمح الـ”سوشيال ميديا” بأن تأخذ مساحة أكبر من حجمها في حياته، قائلا: “فيوجد ناس تكون تلك الوسائل بالنسبة لها كل شيء، خصوصا وإنها تعتمد على الجذب والتشويق، مما تحدث تغولا وسيطرة شبه تامة على الوقت والروح، ووجودنا الاجتماعي، وحياتنا الطبيعية”، موصيا بأنها من المفترض ألا تأخذ من وقتنا أكثر من ساعتين في الـ24 ساعة.
وأضافت الدكتورة سامية حسن، أستاذ مادة الترويح، بكلية التربية الرياضية، جامعة الإسكندرية، إننا أصبحنا نعيش في واقع افتراضي، حتى في مشاعرنا، وهذا كان له أضرار، منها: “الانعزالية، والتوحد مع الذات، والتعايش مع المشاعر الافتراضية، والتبلد والتباعد العاطفي بين الأسرة”.
وأشارت “حسن” إلى ضرورة البحث عن هدف الألعاب الإلكترونية لدى الأطفال والكبار، قائلة إنه يوجد منها الهادف، ولكن إدمانها، يجعل الطفل يستجيب لها نفسيا وعقليا، ويصعب الاستغناء عنها، لذا فيجب عمل برنامج له حتى لا تحدث له انتكاسة، مضيفة: “إن كثيرا من أعراض إدمان المخدرات هي نفسها أعراض إدمان الألعاب الإلكترونية “سوشيال ميديا”، فتجد الشخص عصبيا ومتوترا، حين تبعدها عنه”.
وأوصت “حسن” بضرورة الاحتكاك والحراك الاجتماعي، والبحث عن البدائل الترويحية الطبيعية، قائلة: “يجب أن أتحرك وألعب الرياضة يوميا، وأذهب إلى الحدائق والمتنزهات، أو حتى البيئة التي أتواجد فيها، وأمارس هواياتي”، مؤكدة أن هذا ينشط ويحسن دماغ وذاكرة الفرد، من خلال التفاعل الطبيعي، وليس الافتراضي، الذي يكون عبر الشاشات والحواجز، والغرف المغلقة، التي تسببت في مشكلات كثيرة للأسرة.
واختتمت حديثها لـ”المنتدى” قائلة: “من المهم أن نغير نمط حياتنا، فلا يوجد أجمل من مواجهة الحياة الطبيعية، فإن الله خلق لنا الحياة، نحتك بها ونتعامل؛ لنأخذ السعادة الطبيعية، وليست الافتراضية”.