
كتبت – فاطمة الزهراء حزيفه:
من أشهر شعراء العامية المصرية، لقب بـ”شاعر العامية” و”هرم الزجل” و”فنان الشعب” ذلك لكتابته في مجال النضال الاجتماعي من أجل الوطن، إنه بيرم التونسي الذي تحل علينا الذكرى الـ60 لوفاته في 5 يناير 1961.
اسمه بالكامل محمود محمد مصطفى بيرم الحريري، ولد لعائلة تونسية في حي الأنفوشي غي الإسكندرية، شارع البوريني بالسيالة 23 مارس عام 1893، وكان له أخت من أبيه تكبره بـ20 عام تسمى “لبيبة”، بعد أن أتم الرابعة من عمره.
والتحق “بيرم” بكُتاب الشيخ جاد الله، ولكونه غير جيد في الحساب والرياضيات، قسى الشيخ جاد عليه، فلم يعد يستوعب أي معلومة يقولها، فقام الأب بنقله إلى المعهد الديني في مسجد المرسى أبو العباس.
وعانى “بيرم” من أمرين في طفولته، الأول وفاة شقيقته بعد ولادتها بـ3 أيام، والثاني اكتشاف أمه زواج أبيه السري من فنانة، وزاد من تعاسته موت أبيه واستيلاء زوجته على ثروته، واستيلاء أبناء عمه على تجارته، فلم يبقي إلا له ولأمه ولأخته غير المنزل الذي يعيشون فيه، فلم يكمل دراسته.
اضطر “بيرم” للعمل وهو في عمر الـ12 كصبي في محل، وبعد زواج أمه، ذهب للعمل مع زوج أمه في صناعة هوادج الجمال، وبعد وفاة أمه عام 1910، انتقل للإقامة مع شقيقته لأبيه، وتزوج في الـ17 من عمره بنجلة تاجر عطارة، وأنجبت له طفلان “محمد، ونعيمة”، وبعد وفاته زوجته تزوج مرةً أخرى.
بدأت شهرة “بيرم” بعد كتابته قصيدة انتقد فيها المجلس البلدي، بعد حجز بيته الجديد، وطلب مبلغ كبير كعوائد عن سنوات لا يعلم عنها شيئًا، ونشرت القصيدة كاملة بالصفحة الأولي في جريدة “الأهالي”، حتى لم يعد في الإسكندرية من لم يتكلم عنها، أو يحفظها أو يرددها، ثم أصدر من تلك القصيدة كتيب، فلاقت رواجًا كبيرًا.
دأب “بيرم” عقب ذلك على إصدار كتيبات صغيرة بها مختلف الانتقادات الاجتماعية، وبعد ذلك ترك التجارة واتجه بتأليف الشعر، وبعد إدراكه عدم انتشار الشعر بين الشعب، اتجه للزجل لإيصال أفكاره لغالبية الشعب المصري، واتسمت أزجاله بالنقد الصريح والدعابة وتصوير بعض مشكلات المجتمع والعادات الاجتماعية الساذجة المتواجدة آنذاك.
تعرف “بيرم” في شبابه على سيد درويش، فقاما بعمل العديد من السهرات الفنية في مدينة الإسكندرية، فكان الأول يكتب والثاني يلحن، بعد ذلك أصدر صحيفة “المسلة”، وهاجم فيها الاستعمار والتربية الخطأ والمرأة الجاهلة والمظاهر الكاذبة والإسراف، واهتم بوصف حالة الذل التي وصل إليها الشعب المصري آنذاك، فأمر السلطان فؤاد بإغلاق الصحيفة ونفيه إلى تونس ثم باريس.
وقام “بيرم” بإصدار جريدة “الخازوق” لكنها أغلقت كذلك، وبعد نفيه قام بتقديم التماس للقصر، بعد تربع الملك فاروق على العرش، وتم العفو عنه، ثم أصبح كاتبًا في جريدة “أخبار اليوم”، ثم “المصري”، ثم “الجمهورية”.
وعند قيام ثورة يوليو 1952، أعلن “بيرم” بتأيدها وقال فيها الأشعار، فسخّر قلمه لخدمة الشعب وأغراض الثورة، وأعطاه الرئيس جمال عبد الناصر الجنسية المصرية عام 1954 بسبب حبه الشديد لمصر، وقام بكتابة العديد من الأغاني لـ”أم كلثوم”، وفريد الأطرش، ومحمد عبد الوهاب، كما قام بكتابة العديد من الأغاني الوطنية.
ومُنح بيرم التونسي، جائزة الدولة التقديرية في الأدب والفن عام 1960، ولم يمر العام حتى توفى بعد معاناة مع مرض الربو تاركًا إرثًا كبيرًا من القصائد والمسرحيات والأزجال.