«الحب أعمق ياسادة»

بقلم – حمادة جمعه:
أصبح الأمر معقدًا، وكل ما حلمت به يرفض أن يتحقق، ما كانت أحلامك إذا؟ كانت بسيطة للغاية، قلوب تشعر، وقلب يعشق حتى الممات، وماذا وجدت؟ وجدت قسوة، وجدت أن لا أحدًا يحتاج إليك إلا بالقدر الذي يحتاجه منك، وجدت أن لا أحدًا يستطيع تقبلي علي ما أنا عليه سوي خالقي.
هو فقط من لا يمل مني، هو فقط من يسمعني ويجيب ندائي مهما تأخر وجدت أن من يدعون العشق لا يعرفون حتى أن يعشقوا أنفسهم، وهم فقط يتحايلون علي الموقف، أو بالأحرى يحاولون أن يستشعروا المشاعر التي تملي عليهم وبناء عليها يحاولون أن يعبروا عنها حتى ولو كانت ألفاظ تقال ويردون عليها.
ياليتهم يعلمون أن «الإحساس هو ملك المعاملات» أن تحس ما يقال قبل أن يقال، أن لا تنتظر كلمة حب حتى ترد عليها، أن تنتظر أن تقال لك أولا حتى ترد، أو حين تقال لك تستقبلها بالصمت التام المميت للطرف الأخر.
الحب أعمق ياسادة، الحب يُرى في العينين، الحب يحس في التصرفات والأفعال، الحب اشتياق للحبيب وهو بحوزتك، أما أن يكون معك ولا يشعر منك ما يريده أو ينتظره فهناك شيء يعطي تنبيه، هناك شيء خطأ، هناك قلب أخر ينتظر أن يحصل على مايريد، لابد في مبدأ العلاقات أن أعطي وأخذ حتى لو بالقدر المسموح به، أما أن أمنح ولا ٱمنح ما يريد.
فمن هنا تأتي النهايات المُبكرة، النهايات الغير متوقعة، النهايات التي لا نتمناها أبدًا، وما كنا نستطيع أن نتخيل أنها ستحدث يومًا ما، ولكنها بالفعل بدأت أن تحدث بسبب الطرف الأخر، وبدأنا في استيعابها والاستجابة إليها، إذ أننا منحنا وبذلنا كل ما بوسعنا حتى نحافظ عليها إلا تحدث، ولكننا سلمنا بالأمر وللأمر جراء فعل المعشوق، الذي ما عشق، حتى وأن عشق فأنه لم يستطع أن يمنح أو يحافظ معنا على فعل العشق.
أعلم أن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار، ولكن كيف تكون ردة فعلنا ونحن ننظر في صمت وذهول لما يحدث، متسائلين لماذا يحدث؟ وهل كنا نعتقد في يوم أنه سيحدث؟ كثير من الأسئلة التي تدور في آفاقنا ما تجيب عنها الأيام، عندما يرفض الطرف المعشوق أن يجيب وها نحن تلقي الأيام علينا بالإجابات ونحن نتأملها في ذهول.
ولا نريد حتى أن نستسلم لتلك الإجابات لأننا كنا نحلم في مخيلتنا بفعل العشق الكامل ولكن للأسف يأتي المعشوق في صمته معلنًا راية الاستسلام لتستكين معها وتنطفئ كل الأحلام وتنكس معها رايات النصر التي كنا نرفعها ونعلوها لتلك الأحلام، ومعها تعلن النهايات، وتدق طبول الانسحاب، في صمت رهيب.
وما أدراك أن تنطفئ أنوار العشق في سكون الصمت الرهيب، قالوا قديمًا: «ومن العشق ما قتل»، وكانوا يقصدون القتل بمعناه وفعله الحقيقي، وليتهم كانوا يعلمون أن فعل القتل الحقيقي ليس أن تنصل السكين وتقوم بهذا الفعل، فهناك من العشق ما قتله الصمت، وما طعنه الإهمال، وإنه لمن أعظم العشاق، من قتلوا تحت وطأة الصمت والإهمال والانسحاب الغير مبرر، والذي يقتلنا ألاف المرات.
وماذا ستفعل؟ لن أفعل شيء أكثر مما فعلت، فلقد فعلت كل ما بوسعي كي أحافظ على كل شيء أحببته، ولكنه ما أحبني، ولقد تعلمت، بأنه من أرادني لكان معي ولتقلبني علي ما أنا عليه، ولقد أيقنت بأنه، ما كان لي لن يتركني أبدًا أن أضيع منه، ومن علم قيمتي وقيمة عشقي له، لن يسمح أبدا لهذا العشق أن يهدم أو يهزم أو يموت، حتى لو متنا نحن حتى يحيا ما عشقناه سويًا.